صحيفة الشرق/عمود همسة تربوية
نذهب للحدائق بغرض الاستمتاع بجمال الطبيعة، والحدائق أنواع، منها الحدائق المنزلية والتي أصبحت جزءاً هاماً من ديكور المنزل، حيث تبرز جمال المنزل وتلطف الجو به، وتخفف حدة الشمس، بينما أيضاً تعمل على تقليل الأتربة والرياح وتسعد الأسرة بقضاء وقتٍ ممتع وسط الخضرة، في المقابل هناك الحدائق العامة التي يذهب إليها الكبار والصغار خصوصاً إن كانت بها طيور وحيوانات، ومن ما لفت نظري حديقة ومحمية محمد الدوسري التي زرتها بأسرتي في الأيام القليلة الفائتة، فوجدتها تغيرت غير التي زرتها قبل سنوات.
بدأت فكرة هذا المشروع في عام 1980 بجمع بعض الحيوانات الأليفة والطيور البرية كالأنعام والغزلان والحيوانات البرية القطرية، وفي العام 1988 تم جمع البعض من الحيوانات والطيور البرية من الدول الإفريقية والأسيوية والأوربية بغرض الترفيه للعائلات وطلاب المدارس، والدخول لهذه الحديقة مجاناً لزيارة أقسامها المختلفة، فهناك قسم النباتات البرية وقسم الطيور وقسم الحيوانات بأنواعها، وقسم التراث والمحاضرات، وغيرها من الأقسام الأخرى، ومن ما لفت نظري لأول مرة أشاهد الحيوانات المفترسة بهذه الحديقة، فهناك الأسد والضباع والذئاب والثعالب، والقرود، وحيوانات أخرى عديدة، أيضاً هناك برنامج ترفيهي دائماً ما يكون من بعد عصر يوم الجمعة، لمشاهدة الحيوانات على الطبيعة على نظام سفاري، كما يوجد لبس الزي القطر في الخيمة، والمسابقات الترفيهية للصغار والكبار، وتوجد مظلات وأكواخ إفريقية وجلسات تحت الأشجار، كما يوجد مسجد لصلاة الجمعة، يتوفر حطب لشواء اللحم للذين يريدون أن يشوون بأنفسهم برغم وجود مطاعم معتمدة لدى المحمية وكل هذا مجاناً، فجزى الله القائم على أمرها خير الجزاء، فهو يبعث الفرحة والبهجة في الصغار والسعادة في الكبار.
ولطالما كل هذه الأشياء مجاناً، علينا على الأقل رد الجميل وحفظ العرفان وجزيل الشكر ووافر الامتنان، والابتهال إلى الله بالدعوات الصالحات لصاحبها، وفوق كل هذا وذاك، على الأقل يجب علينا المحافظة على هذه الحديقة حين نزورها، ويحضرني قانوناً لحماية الحيوانات والأسماك أعده (أسوكا) إمبراطور الهند في عام 252، ويهدف إلى حماية الطبيعة وإيجاد المناطق المحمية، حيث كان قبل هذا التاريخ تُقام المحميات لأسباب دينية أو لإتاحة الظروف للتكاثر الحيواني لأغراض الصيد، إذن على الزائر لمحمية الدوسري، أو غيرها من الحدائق الأخرى، أن يحافظ على الحديقة بحفظها نظيفة وعدم رمي المخلفات، بل يجب وضعها في الأماكن المخصصة لذلك، وعدم الاقتراب من سياج الحيوانات، وعدم العبث بالأشجار والأزهار، والتأكد من إطفاء النار بعد الشوي، فالمناطق المحمية تُعد من أهم طرق المحافظة على المصادر الطبيعية، والمفهوم الحديث على الطبيعة هو الصيانة والاستغلال الحكيم والأمثل لمصادر الأرض.
أخيراً هذه المحمية يمكن أن تكون جيدة للبحث العلمي ومعرفة الجغرافيا والبيئة والطبيعة، فالطفل يحب الحيوانات والطيور خصوصاً حينما يشاهدها في المزرعة، ويراها أمامه في الحديقة مخلوقات تنطق وتتكلم، وقد يحتضن قطة حية، أو لعبة من قطن تمثل قطة أو كلبًا، ويخاطب هذه اللعبة كأنها كائن حي ويصدر أصواتاً للحيوانات التي يقتنيها الطفل، مثلاً إن كان الحيوان الذي يقتنيه الطفل كلباً نبح وإن كان حماراً نهق، وإن كان أسداً زأر وهكذا، وحديقة كهذه التي نشاهدها مثل حديقة الدوسري، يحب أن نحافظ عليها ونصون نباتاتها وأشجارها وإزهارها والمصادر الوراثية الموجود بها والحيوانات المحنطة بغرفها، كما يجب الحفاظ على العلاقات الطبيعية المتوازنة ومراقبتها عبر الزمن، فهي البنك الوراثي والبيئة الطبيعية، كما يجب إعادة وتأهيل الأنواع المنقرضة والنادرة من النباتات والحيوانات.
د.عبدالله إبراهيم علي أحمد
خبير المناهج وطرائق التدريس وأخصائي التقييم والاعتماد المدرسي
الدوحة – قطر
us_abdo@hotmail.com